• إنّ أحبابنا أينما ذهبوا فعليهم أن يحاولوا الحضور في خدمة العلماء الصلحاء الحقانيين بذلك المكان، ولكن هذا الحضور لا يقصد به إلاّ الإستفادة منهم فلا تدعوهم مباشرة لهذا العمل، لأن مشاغلهم التي هم مشغولون فيها يفهمونها جيداً متأكدون بتجربتهم من منافعها، وأنتم لا تستطيعون إقناعهم بكلامكم أنّ هذا العمل أكثر فائدة للدين وأكثر فائدة لهم من مشاغلهم الدينية فتكون النتيجة أنهم لا يجيبونكم، وحينما يقول: لا، مرة واحدة فتحويل تلك اللا إلى نعم صعب جدّاً، فربما يكون من نتائجها السيئة أن لا يسمعكم عامة الناس الذين يقدّرونهم ومن الممكن أن يدخل الشك فيكم، لذا لا تزوروهم إلاّ للإستفادة منهم فقط. ولكن يُجتهد في العمل في بيئتهم مع المراعاة والإهتمام منهم الخاص في التمشي بالأصول، فبهذا نأمل أن تصل أخبار عملكم ونتائجه التي تكون سبب دعوتهم وبذل توجّههم، فبعد ذلك إذا توجّهوا إليكم وإلى عملكم من تلقاء أنفسهم فحينئذ يُعرض عليهم بأن يقوموا بالإشراف عليكم ويرعوكم ومع مراعاة الأدب والتقدير الديني لهم يُعرض عليهم كلامكم.
• ليفكّر كثيراً في أن يشترك العلماء والصلحاء في جهد التبليغ والتربية وأن يرضوا ويطمئنوا له، وأينما علم عنهم أنهم خالفوا ولم يرتاحوا له فاعتبروهم أنهم معذورون، أوّلوا عنهم تأويلاً حسناً واستمرّوا في الحضور في خدماتهم بنية الإستفادة الدينية...
• نحن بهذه الدعوة نريد أن نصلح ونوحّد علماء وصلحاء جميع الأماكن وأهل دينها وأهل دنياها ونعرّفهم فيما بينهم، وكذلك رغبتنا أن نولّد الألفة والمحبة والتعاون بين العلماء والصلحاء المتعلّقين بالشئون المختلفة بل هذا من أهم مقاصدنا. وهذه الدعوة الدينية ستكون هي الوسيلة في ذلك إن شاء الله.
• على الأحباب العاملين في التبليغ أن يزوروا ثلاث طبقات باهتمام خاصّ ولثلاثة مقاصد فقط:
(1) الحضور في خدمة العلماء والصلحاء لتعلّم الدين وللحصول على أثرات الدين الطيبة.
(2) الذهاب إلى الناس الذين هم أدنى منهم درجة وينشر فيهم التعاليم الدينية، ليكون هذا النشر سبب لتكميل الدين والرسوخ فيه.
(3) الذهاب إلى الفئات المختلفة: ليجذب منهم المحاسن الطيبة المتنوعة.
• إنّ حاصل تبليغنا أنّ على عامة الناس المبتدئين أن يأخذوا الدين ممن هم فوقهم ويعطوه لمن هم أسفل منهم، ويعتبرون أنّ الأسفلين محسنون عليهم، لأنه مهما بلّغنا كلمة الإخلاص ونشرناها فنجد كلمتنا تتكمّل وتتنوّر كذلك، وقدر ما نجعل الناس يواظبون على الصلوات فتتكمّل صلاتنا مثله كذلك، فمن أكبر سرّ التبليغ أن يقصد المبلّغ تكميل نفسه فلا يظن نفسه هادياً للآخرين لأنه لا هادي إلاّ الله. [هداية التوفيق]
• الإنبساط بالحكايات الكلامية أصبحت عاداتنا، والكلام عن الأعمال ظننا أنه يكفي عن العمل الأصلي، فاتركوا هذه العادة وعليكم بالعمل العمل.
• إنّ الشخص الذي يظن في نفسه أنه ليس أهلاً للتبليغ فلا يجلس فارغاً قط، بل عليه أن ينشغل في العمل وأن ينشغل في تحريض الآخرين أكثر، لأنه قد يحصل الخير الكثير لمن هو أهلٌ له من طرف الذي هو غير أهلٍ له، ثم ينمو ذلك الخير ويزيد ويصل أجره بصفة مستمرة إلى هذا الذي لم يكن أهلاً له لأنه كان هو السبب في إبلاغه له وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم ( من دعا إلى حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها، ومن سنّ في الإسلام سنّة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها ) الحديث.
• إذا أردتم أن تدعوا الناس إلى الإنشغال في عمل التبليغ فلابدّ أن تبينوا لهم فائدة الإنشغال في هذا العمل وبينوا لهم أجره وثوابه الأخروي بالتفصيل الوافي بحيث تكون الجنة كأنها أمامهم كما هي طريقة القرآن، فبهذه الطريقة يسهل عليهم تحمّل ما يخشونه من الحرج والخسارة الدنيوية البسيطة إن شاء الله، ويمكن لهم غضّ البصر عنها.
• مقصودنا الأصلي من تبليغنا هذا هو أن يُصرَف الناس من الطاغوت وأن يعودوا إلى الله عزّ وجلّ، ولا يمكن هذا إلا بالتضحية، ومن الدين تضحية الأنفس وتضحية الأموال، ومن تضحية النفس في التبليغ أن يترك وطنه لإعلاء كلمة الله ولنشر دين الله، ومن تضحية المال أن يتحمّل نفقات السفر بنفسه، وأما الذي لا يستطيع الخروج بنفسه لعذرٍ في زمن فعلَيه أن يحرّض الآخرين للخروج في التبليغ في هذا الزمن خاصة ويجتهد في إخراجهم، فبهذا يكون عاملاً بالحديث: ( الدال على الخير كفاعله )، ومن يخرجهم سيتحصّل له الأجر على قدر أجور جهدهم، وإن نصَرهم في خروجهم بالمال فكذلك يحصل له ثواب التضحية المالية أيضاً...
• رغّبوا الناس في أن يخرجوا من بيوتهم لتعلّم الدين وتعليمه بأموالهم، وإن لم يستطيعوا أو لم يرضوا بهذا الإيثار فحاولوا حتى الإمكان أن تدبروا لهم ما يخرجون به من بيئتهم... ولكن يكون في البال أن لا يولد فيهم الإشراف، والإشراف هو أن ينظر في حاجاته إلى الناس بدلاً من أن يكون نظره إلى الله تعالى، وهذا الشيء يخلخل عروق شجرة الإيمان.