بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله,
قال يحيى بن سعيد الأنصاري وهو من أجلاَّء التابعين : « ما برح المستفتون يُستفتَوْن ، فيُحل هذا ، ويُحرِّم هذا ، فلا يرى المحرِّم أنَّ المحلِّل هلك لتحليله ، ولا يرى المحلِّل أن المحرِّم هلك لتحريمه »
وقال سفيان الثوري : « إذا رأيت الرجل يعمل العمل الذي قد اختُلف فيه وأنت ترى غيره فلا تنهه »
وقال ابن قدامة المقدسي : « لا ينبغي لأحد أن ينكر على غيره العمل بمذهبه ؛فإنه لا إنكار على المجتهدات »نفهم من هذا انه ليس هناك نهي عن المنكر في امر خلافي بين العلماء,لان الرأي الاخر ليس منكر بل هو رأي معتمد في الدين بين العلماء.
وقال شيخ الاسلام ابن تيمية : « التفرق والاختلاف المخالف للاجتماع والائتلاف حتى يصير بعضهم يبغض بعضاً ويعاديه ، ويحب بعضاً ويواليه على غير ذات الله ، وحتى يفضي الأمر ببعضهم إلى الطعن واللعن والهمز واللمز ، وببعضهم إلى الاقتتال بالأيدي والسلاح ، وببعضهم إلى المهاجرة والمقاطعة حتى لا يصلي بعضهم خلف بعض ، وهذا كله من أعظم الأمور التي حرمها الله ورسوله ، والاجتماع والائتلاف من أعظم الأمور التي أوجبها الله ورسوله »
وهذه المسألة على الرغم من وضوحها وجلائها واتفاق الناس عليها إلا أن في تطبيقها عند بعض الناس خللاً ظاهراً ؛ فخلافٌ يسير في مسألة فقهية اجتهادية يسوغ فيها الخلاف يؤدي إلى ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية .
لماذا لابد أن يلتزم جميع المسلمين برأي واحد؟ وهو الرأي الذي أنا عليه أو الرأي الوحيد الذي تعلمته؟ أو رأي مذهبي أو شيخي أو مدرستي او مجموعه العلماء اللي تعلمت علي أيديهم ؟ لماذا نريد أن تكون جماعه المسلمين هم جماعه الرأي الواحد؟لماذا هذه المدرسة في الدين؟فكأنهم يقولون ليس في الدين رأي صحيح إلا رأي ولا مذهب معتبر إلا الذي أنا عليه وما عداه باطل ومنكر ويجب تغييره وإزالته, ,لماذا نعتبر كل من خالف رأي من العلماء انه ذل واخطأ ؟ الذي يقرر خطأ العالم عالم مثله ويرد عليه ويناظره بعلم وفهم وأدب,لكن الآن كل من قرأ باب من أبواب العلم أو سمع محاضره في موضوع ظن انه أصبح الوجيه الأمثل وانه حوي كل العلم في صدره وهذه قمة الجهل, لماذا نعتبر أن العلم مقصور علينا وأننا فقط الذين نفهم في الصحيح والضعيف وما عدانا جهلاء؟لماذا وصلنا إلي هذا الحد من ضيق الأفق و تزكيه النفس علي جميع الناس فكأننا نقول رأي صواب لا يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ لا يحتمل الصواب,علي مر عصور الإسلام اختلف الفقهاء الأعلام الكبار واتسع الدين في زمانهم لهذا الاختلاف بل كان من محاسن هذا الدين ليكون صالح لكل زمان ومكان
لماذا ظهرت هذه المدرسة في المتأخرين , مدرسه التنظير والنقد , دون جهد الإصلاح والسماع والتعلم وقبول كل أراء الدين وقبول الرأي الآخر
اسأل الله لي ولإخواني ولجميع المسلمين الهدايه والرشاد , والحمد لله رب العالمين