منبر الدعوة والتبليغ
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منبر الدعوة والتبليغ

(( موقع الشيخ / محمد على محمد إمام ))
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

  الابتــلاء الإبتلاء طريق الدعاة إلي الله بقلم/ محمد علي محمد إمام

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
محمد إمام
Admin
محمد إمام


المساهمات : 410
تاريخ التسجيل : 18/05/2012
العمر : 61
الموقع : شبكة الدعوة والتبليغ

                             الابتــلاء                                           الإبتلاء  طريق الدعاة إلي الله  بقلم/ محمد علي محمد إمام Empty
مُساهمةموضوع: الابتــلاء الإبتلاء طريق الدعاة إلي الله بقلم/ محمد علي محمد إمام                                الابتــلاء                                           الإبتلاء  طريق الدعاة إلي الله  بقلم/ محمد علي محمد إمام Emptyالسبت مايو 19, 2012 8:18 am

الابتــلاء
طريق الدعاة إلي الله
قال الله I ) إِنَّا خَلَقْنَا الأِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً ( (1).
وقال الله I ) تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ( (2) .
وقال الله I ) إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ( (3) .
فالله U قد اقتضت حكمته أن يبتلى الرسل بأممهم ، والأمم برسلهم ، والحكام بالمحكومين ، والمحكومين بالحكام ، والقوى بالضعيف ، والضعيف بالقوى ، والغنى بالفقير ، والفقير بالغنى ، والصحيح بصحته ، والمريض بمرضه ، والزارع بمزرعته ، والتاجر بتجارته ، والصانع بصناعته .. الخ . فالكل مبتلى كلٌ على قدر دينه . فعن سعد t قال : سُئل النبى e : أى الناس أشد بلاءاً ؟ قال : " الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل ، يبتلى الرجل على حسب دينه ، فإن كان صلباً فى دينه اشتد بلاؤه ، وإن كان فى دينه رقه هون عليه ، فمازال كذلك حتى يمشى على الأرض ماله ذنب " ( رواه الترمذى فى الزهد ، وابن ماجة ، والدارمى ، وقال الترمذى هذا حديث حسن ) (4) .
وعن أنس t قال : قال رسول الله e : " إن عظم الجزاء مع عظم البلاء ، وأن الله U إذا أحب قوماً ابتلاهم فمن رضى فله الرضا ومن سخط فله السخط " ( رواه الترمذى وحسنه ) (1) .
فطريق الدعوة هو طريق الإبتلاء فالنبى e قبل الدعوة وهو فى العبادة فى غار حراء يتعبد .. قالوا عنه الصادق الأمين .. لكن لما جهر بالدعوة قالوا ( ساحر ، مجنون ، كذاب ، كاهن .. ) .
 الذهب قبل وضعه فى الفاترينة لابد له أن يوضع أولاً فى النار .
 فالابتلاء مادة الاختبار لأهل الإيمان .
 والابتلاء للمنافق يجعله كعود الكبريت المضىء سريع الإطفاء إذا جاءته الريح.
 والبلاء للمؤمن يجعله كالنار فى الغابة كلما جاءتها الريح تزداد اشتعالاً .. وهذا يعنى أنه كلما يأتى المؤمن البلاء يزداد إيماناً على إيمانه وفى هذا يقول الرسول المصطفى الكريم e " مثل المؤمن مثل السنبلة تستقيم مرة وتخر مرة ، ومثل الكافر مثل الأرزة لا تزال مستقيمة حتى تخر ولا تشعر " ( رواه الإمام أحمد عن جابر ) (2) .
 وعن أبى هريرة t قال : قال رسول الله e : " مثل المؤمن كمثل الزرع لا تزال الريح تميله ، ولا يزال المؤمن يصيبه البلاء ، ومثل المنافق كمثل شجرة الأرزة لا تهتز حتى تستحصد " ( متفق عليه ) (3) .
وللبلاء صور مختلفة :
قال الله I ] وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ [ (1) . فالصلوات والرحمة والهداية بعد الإبتلاء والصبر .. فمن صور الابتلاء ( الخوف ) كما فى الأحزاب :
أخرج الحاكم و البيهقى عن عبد العزيز ابن أخى حذيفة y قال : ذكر حذيفة t مشاهدهم مع رسول الله e فقال جلساؤه : أما والله لو كنا شهدنا ذلك لكنا فعلنا وفعلنا فقال حذيفة t : لا تمنوا ذلك لقد رأيتنا ليلة الأحزاب ونحن صافون قعود وأبو سفيان ومن معه فوقنا وقريظة اليهود أسفل منا نخافهم على ذرارينا وما أتت علينا ليلة قط أشد ظلمة ولا أشد ريحاً منها فى أصوات ريحها أمثال الصواعق وهى ظلمة ما يرى أحدنا إصبعه فجعل المنافقون يستأذنون النبى الكريم e ويقولون أن بيوتنا عورة وما هى بعورة فما يستأذنه أحد منهم إلا أذن له ويأذن لهم ويتسللون ونحن ثلاثة مائة ونحو ذلك إذا استقبلنا رسول الله e رجلاً .. رجلاً حتى أتى علىَّ وما على جنة من العدو ولا من البرد إلا مرط امرأتى ما يجاوز ركبتى قال : فأتانى وأنا جاثٍ على ركبتى فقال من هذا ؟ فقلت حذيفة ، فقال : حذيفة ، فتقاصرت للأرض قلت : بلى يا رسول الله e كراهية أن أقوم فقمت فقال : وأنا من أشد الناس فزعاً وأشدهم قراً قال : فخرجت فقال رسول الله e اللهم احفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوقه ومن تحته قال : فو الله ما خلق الله فزعاً ولا قراً إلا خرج من جوفى فما أجد فيه شيئاً .
قال : فلما وليت قال : يا حذيفة لا تحدثن فى القوم شيئاً حتى تأتينى قال : فخرجت حتى إذا دنوت من عسكر القوم نظرت ضوء نار لهم توقد وإذا رجل أدهم ضخم يقول بيديه على النار ويمسح بخاصرته ويقول الرحيل .. الرحيل ولم أكن أعرف أبا سفيان قبل ذلك فانتزعت سهماً من كنانتى أبيض الريش فأضعه فى كبد قوس لأرميه به فى ضوء النار فذكرت قول رسول الله e لا تحدثن فيهم شيئاً حتى تأتينى فأمسكت ورددت سهمى إلى كنانتى ثم إنى شجعت نفسى حتى دخلت العسكر فإذا أدنى الناس منى بنو عامر يقولون : يآل عامر الرحيل .. الرحيل لا مقام لكم وإذا الريح فى عسكرهم ما تجاوز عسكرهم شبراً فو الله إنى لأسمع صوت الحجارة فى رحالهم وفرشهم تضرب بها ثم إنى خرجت نحو رسول الله e فلما انتصفت بى الطريق أو نحو من ذلك إذ أنا بنحو من عشرين فارساً أو نحو ذلك معتمين ، فقالوا أخبر صاحبك أن الله قد كفاه فرجعت إلى رسول الله e وهو مشتمل فى شملة يصلى فو الله ما عدا أن رجعت راجعنى البرد وجعلت أقرقف فأومأ إلىًّ رسول الله e وهو يصلى فدنوت منه فأسبل على شملته وكان رسول الله e إذا حزبه أمر صلى فأخبرته خبر القوم أخبرته أنى تركتهم وهم يرحلون قال وأنزل الله تعالى : ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً .. إلى قوله تعالى .. وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيّاً عَزِيزاً [ (1) .
( كذا فى البداية ج 4 / 114 وأخرجه أبو داود وابن عساكر ) (2) .
ومن صور الإبتلاء ( الجوع ) الذى مر به أصحاب رسول الله e :
أخرج أبو نعيم فى الحلية عن سعد t قال : كنا قوماً يصيبنا ظلف العيش بمكة مع رسول الله e وشدته فلما أصابنا البلاء اعترفنا لذلك ومرنَّا عليه وصبرنا له ولقد رأيتنى مع رسول الله e بمكة خرجت من الليل أبول وإذا أنا أسمع بقعقعة شئ تحت بولى فإذا قطعة جلد بعير فأخذتها فغسلتها ثم أحرقتها فوضعتها بين حجرين ثم أستفها وشربت عليها من الماء فقويت عليها ثلاثاً (1) .. ومن أراد الاستزادة فعليه بكتاب .. حياة الصحابة y فهو مليئ بقصص جوع الصحابة الكرام y وهى أكثر من أن تحصى .
ومن صور البلاء ( نقص الأموال ) :
أخرج البيهقى عن أبى عمران y قال غزونا المدينة يريد القسطنطينية ، وعلى الجماعة عبد الرحمن بن خالد بن الوليد والروم ملصقوا ظهورهم بحائط المدينة فحمل رجل على العدو فقال الناس مه مه لا إله إلا الله يلقى بيده إلى التهلكة فقال أبو أيوب t إنما أنزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار لما نصر الله نبيه وأظهر الإسلام قلنا : هلم نقيم فى أموالنا ونصلحها فأنزل الله I ) وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ( (2) فالإلقاء بأيدينا إلى التهلكة أن نقيم فى أموالنا ونصلحها وندع الجهاد . قال أبو عمران : فلم يزل أبو أيوب يجاهد فى سبيل الله حتى دفن بالقسطنطينية (3) .
وهذا دليل على أن الصحابة y بسبب انشغالهم بالدين جاءهم النقص فى الأموال والأنفس فصبروا وابتلوا بالجوع والخوف فصبروا .
ومن صور البلاء ( الابتلاء فى الجسد بالمرض وفقد الأولاد ) :
- مثل سيدنا أيوب u :
كان سيدنا أيوب u كثير المال من سائـر صنوفه وأنـواعه مـن
الأنعام والعبيد والمواشى والأراضى المتسعة وكان له أولاد كثير فسلب منه ذلك جميعه وابتلى فى جسده بأنواع من البلاء ولم يبق منه عضو سليم إلا قلبه ولسانه يذكر الله U بهما وهو فى ذلك صابر محتسب ذاكر الله U ليله ونهاره وصباحه ومسائه (1) .
فنادى ربه .. ] وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ [ (2) وقال تعالى ] وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ *ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لأُولِي الأَلْبَابِ * وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ[ (3) .
- ومثل عروة بن الزبير :
عن نافع بن ذؤيب قال : لما قدم عروة بن الزبير على الوليد بن عبد الملك فخرج برجله الأكلة فبعث إليه يعنى الوليد بالأطباء فأجمع رأيهم إن لم ينشروها قتلته ، فقال : شأنكم بها . قالوا : نسقيك شيئاً لئلا تحس بما نصنع قال : لا شأن لكم بها . فنشروها بالمنشار فما حرك عضو عن عضو وصبر ، فلما رأى القدم بأيديهم دعا بها فقلبها فى يده ثم قال أما والذى حملنى عليك أنه ليعلم انى ما مشيت بك إلى حرام أو قال معصية .
وفى رواية أخرى عن هشام بن عروة :
قيل فقطعت وإنه لصائم فما تضور وجهه قال : ودخل ابن له أكبر ولده اصطبل فرفسته دابة فقتلته فما سمع من أبى فى ذلك شئ حتى قدم المدينة ، فقال اللهم إنه كان لى بنون أربعة فأخذت واحداً وأبقيت ثلاثة فلك الحمد وكان لى أطراف أربعة فأخذت واحداً وأبقيت ثلاثة فلك الحمد وإيم الله لئن أخذت فلقد أعطيت ولئن ابتليت طالما عافيت (1) .
ومن صور البلاء أيضاً : ( الإبتلاء بالنعم ) :
قال الله U ) فَأَمَّا الأِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ ( (2) .
وقال I ) وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ( (3) .
فلابد أن يبتلى الإنسان بما يسره وما يسوؤه ، فالنعم من الله U يظهر بها شكر الشكور وكفر الكفور …
فسيدنا سليمان u عندما رأى عرش بلقيس عنده قال ) هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ( (4) .
والأبرص والأقرع والأعمى .. كما فى الحديث عن أبى هريرةt أنه سمع النبى e يقول إن ثلاثة من بنى إسرائيل أبرص وأقرع وأعمى أراد الله أن يبتليهم فبعث إليهم ملكاً .. فأتى الأبرص فقال ( أى شئ أحب إليك ..؟ قال : لون حسن وجلد حسن ويذهب عنى الذى قد قذرنى الناس . فمسحه فذهب عنه قذره وأعطى لوناً حسناً ، فقال : فأى المال أحب إليك قال : الإبل أو قال البقر - شك الراوى – فأعطى ناقة عشراء فقال : بارك الله لك فيها .
فأتى الأقرع فقال : أى شئ أحب إليك ؟ قال شعر حسن ويذهب عنى هذا الذى قذرنى الناس فمسحه فذهب عنه وأعطى شعراً حسناً قال : فأى المال أحب إليك قال : البقر . فأعطى بقرة حاملاً . وقال بارك الله لك فيها .
فأتى الأعمى . وقال : أى شئ أحب إليك ؟ قال : أن يرد الله إلىَّ بصرى فأبصر الناس فمسحه فرد الله إليه بصره . قال أى المال أحب إليك ؟ قال : الغنم . فأعطى شاة والداً فأنتج هذان وولد هذا فكان لهذا وادٍ من الإبل ولهذا وادٍ من بقر ولهذا وادٍ من الغنم.
ثم إنه أتى الأبرص فى صورته وهيئته . فقال : رجل مسكين قد انقطعت بى الحبال فى سفرى فلا بلاغ لى اليوم إلا بالله ثم بك . أسألك بالذى أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن والمال بعيراً أتبلغ به فى سفرى . فقال : الحقوق كثيرة . فقال : كأنى أعرفك . ألم تكن أبرص يقذرك الناس . فقيراً فأعطاك الله ؟
فقال : إنما ورثت هذا المال كابراً عن كابر . فقال : إن كنت كاذباً فصيرك الله إلى ما كنت .
وأتى الأقرع فى صورته وهيئته ، فقال له مثل ما قال لهذا ورد عليه مثلما رد هذا ، فقال :إن كنت كاذباً فصيرك الله إلى ما كنت .
وأتى الأعمى فى صورته وهيئته فقال رجل مسكين وابن سبيل انقطعت بى الحبال فى سفرى فلا بلاغ لى اليوم إلا بالله ثم بك ، أسألك بالذى رد عليك بصرك شاة أتبلغ بها فى سفرى . فقال : قد كنت أعمى فرد الله إلىَّ بصرى ، فخذ ما شئت فو الله لا أجهدك اليوم بشئ أخذته لله U . فقال : أمسك مالك فإنما أبتليتم فقد رضى الله عنك وسخط على صاحبيك . متفق عليه (1) .
يقول الشيخ محمد عمر البلامبورى – رحمه الله - (1) :
متى يعرف أنه ابتلاء لترقية العبد ومتى يعرف أنه ابتلاء عذاب ونقمة ؟ إذا كان الابتلاء بعد الطاعة وامتثال الأوامر فهو نعمة لترقية العبد ، أولاً يأتى المشقة ثم يأتى الراحة. أما إذا جاء الابتلاء بعد المعصية مثل فرعون ) أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ [ (2) . وقارون ] قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي * فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ( (3) كانا أولاً فى الراحة ثم أتى عليهما المشقة .
وقيل .. وُكِلَ البلاء بالولاء حتى لا يُدعى ..
فالذى يقول أنا مؤمن .. أنا موحد أنا مجاهد يأتيه البلاء .
قال تعالى : ) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ * يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ( (4) .
لذلك يأتى الاختبار من الله U ) الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ * أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ * مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ( (1) .
وقال تعالى ) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ * وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ ( (2) .
ولذلك جعل الله U الميزان هو الجهد .. قال تعالى Smile أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ ( (3) وقال تعالى : ) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ( (4) وقال تعالى Smile إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ( (5) .
ويقول ابن القيم رحمه الله :
.. البلاء لابد له من صبر … والصبر ثلاثة أنواع بها يكتمل الصبر :
 حبس النفس عن التسخط بالمقدور .
 حبس اللسان عن الشكوى .
 حبس الجوارح عن المعصية ( كلطم الخدود ، وشق الجيوب ، ودعوى الجاهلية) .
فإذا صبر الإنسان صارت المحنة منحة .. والبلية عطية .. والمكروه محبوب .. فالله U ما امتحنه ليهلكه ولكن امتحنه ليختبر صبره وعبوديته فإن لله U عبودية فى السراء وله عبودية فى الضراء وله عبودية على العبد فيما يكره كما له عبودية فيما يحب ، وأكثر البشر يعطون العبودية فيما يحبون ولكن تتفاوت المنازل عند الله (1) .
والابتلاء … لماذا ..؟
1) ليميز الله I الخبيث من الطيب ..
- وقد سئل الإمام الشافعى : يا أبا عبد الله : أيما أفضل للرجل أن يمكن أو يبتلى ؟
- فقال الإمام الشافعى : لا يُمكن حتى يُبتلى فإن الله إبتلى نوحاً وإبراهيم و موسى وعيسى ومحمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين فلما صبروا مكنهم (2) .
2) للإختبار : قال تعالي : )وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ((3) وقال تعالي : )وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ( (4) {}
3) والله يبتلينا لنرجع إليه بالتوجه والدعاء والذل والمسكنة " اللهـم إنـى
أشكو إليك ضعف قوتى وقلة حيلتى .. الخ " . والصبر على محن الدنيا أهون من الصبر على محن النار (1) .
 فالذى يريد الدين بدون أحوال كالذى يريد العوم والسباحة بدون أن يبتل والذى يريد الملاكمة بدون أحد يلمسه .
 الأحوال ليس مقصد ولكن مقصود الأحوال التربية .
 الله U ربى سيدنا إبراهيم عليه السلام فى النار .
 الله U ربى سيدنا إسماعيل u فى وادى غير ذى زرعٍ .
 الله U ربى سيدنا يونس u فى بطن الحوت .
 الله U ربى سيدنا موسى u فى بيت فرعون .
 الله U ربى سيدنا محمد e فى شعب أبى طالب ، وفى الغار .
 والصحابة تربوا فى شعب أبى طالب ثلاث سنوات لأنهم الذين يذهبون إلى كسرى وقيصر والمقوقس والنجاشى والعالم كله … فالله I يُعدَهم للعمليات الخاصة لذلك فالله I ما نزل عليهم المن والسلوى وأكلوا ورق الشجر ، الله I يربى الداعى ويعلمه بنفسه .
 فالحكومة تدرب رجال الصاعقة فى الصحراء وتدربهم على أكل الحيات مع أن الحكومة عندها الطعام الشهى وكذلك الفنادق .. حتى يكونوا رجال عند الشدائد .
 س : لماذا تأتى الأحوال على الداعي الخارج في سبيل الله U ؟
• ج : لأنه على طريق الأنبياء u وكان يصيبهم البلاء والامتحان والذى تأتى عليه الأحوال ويثبت ينزل الله U كيفيات القلب التى كانت فى قلب رسول الله e (2) .
على الداعى أن لا يتأثر من الأحوال :
أبو بكر الصديق t ما تأثر بموت الرسول الكريم e بل تأثر بالأمر ( كيف يعزل أسامة وقد عينه رسول الله e ) وقال أبو بكر الصديق t كلمة هى سبب قيام الدين فى العالم إلى يوم القيامة .. أينقص الدين وأنا حى .. هذه الكلمة شعار كل مسلم إن لم تكن فى حياته فهو ليس بمبلغ عن الله ورسوله .
واصبـر ..
إن الذين شرفهم ربهم بشرف القيام بالدعوة إليه عليهم أن يصبروا على إيذاء الناس لهم وعلى مقارعة الناس لهم ولا يكون ذلك إلا بالنظر فى سيرة الأنبياء والمرسلين u والإقتداء بهم فى مواجهة أقوامهم .
فقد قال الله U لحبيبه محمد e :
] وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً [ (1) .
] فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ[ (2) .
] فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ [ (3) .
] وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَأِ الْمُرْسَلِينَ [ (4) .
] فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ [ (5) .
ولقد أوصى لقمان u ابنه وهو يعظه : ] يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ [ (1) .
فالصبر من الصفات الأساسية التى لا غنى عنها للداعى ولا سيما إذا قورن الصبر باليقين فلا تنال الإمامة فى الدين إلا بهما قال الله U ] وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ [ (2) .
فبالصبر يبلغ الإنسان حاجته ، وباليقين يأتى الثبات على الأمر .
والخلاصة .. أن الصبر نوعان :
• اختيارى : ( الصبر على الطاعة والدعوة كما مر فى الآيات ) .
• اضطرارى ( القدر المر ) : مثل الصبر على المرض ، وعلى ألم الضرب ، والجراح ، والبرد والحر ، وفقد الأولاد .
والصبر الاختيارى أكمل من الاضطرارى ، فإن الإضطرارى يشترك فيه الناس برهم وفاجرهم .. مؤمنهم وكافرهم .. (3)
واعلم أنه ما وصل من وصل إلى المقامات المحمودة والنهايات الفاضلة إلا على جسر المحنة والابتلاء .
كذا المعالى إذا ما رمت تدركها فاعبر إليها على جسرٍ من التعب
وقال المتنبي :
تُرِيدِينَ إِدْرَاكَ الْمَعَالِي رَخِيصَةً *** وَلا بُدَّ دُونَ الشَّهْدِ مِنْ إِبَرِ النَّحْل

هذا الموضوع : من أبواب كتاب كلمات مضيئة في الدعوة إلي الله بقلم / محمد علي محمد إمام

*******
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mnbr.forumegypt.net
 
الابتــلاء الإبتلاء طريق الدعاة إلي الله بقلم/ محمد علي محمد إمام
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» بقلم / محمد علي محمد إمام حفظه الله تعالى
» بقلم / محمد علي محمد إمام حفظه الله تعالى
» ملفوظات مولانا الشيخ عبد الوهاب أمير الدعوة بباكستان المسمى بفرضية الدعوة إلى الله ويليه كتاب النصيحة بقلم الشيخ،/ محمد علي محمد إمام تقديم الشيخ/ علي بن عودة الغفري
» الحلقة التاسعة: من ملفوظات فضيلة مولانا الشيخ محمد يوسف الكاندهلوي (رحمه الله) شرح وتعليق الشيخ/ محمد علي محمد إمام
» الحلقة الثامنة: من ملفوظات فضيلة مولانا الشيخ محمد يوسف الكاندهلوي( رحمه الله تعالى )الشيخ/محمد إمام

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منبر الدعوة والتبليغ  :: منبر التبليغ والدعوة-
انتقل الى: