إن الطريق الذي أعطاه الله للناس هو الصحيح و المناسب, و هي الحياة التي تقيم التوازن للإنسان في كل شعبة في الحياة, و التوازن هو العبودية التي يريدها الله للإنسان ((اعدلوا هو أقرب للتقوى)) و العدل إقامة التوازن في كل شيء . و لعدم وجود التوازن خرجت الإنسانية, و الحياة التي جاء بها الرسول صلى الله عليه و سلم هي التي تقيم التوازن, و الذي يتولى منها لا يكون له التوازن, و في الآخرة الله أعلم بحاله . و الآن لجلب التوازن في الإنسان هي بالجهد للدعوة . و إذا قامت حياة الناس, فالله يصلح الحال في الدنيا و يجعل النعيم في الآخرة . و طريقة الرسول صلى الله عليه و سلم هي الدعوة . و الذي يريد إتباعه, فهذه الطريقة ((قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا و من اتبعني)) لذلك نقرأ قصة من دعوة رسول الله صلى الله عليه و سلم و ما تحمله لذلك.. نعم العبد من عرف الحقيقة و فهمها و عمل بها الدهر كله, و هي أن الدنيا و إن طالت فمصيرها الزوال و لا تبقى مع الإنسان . الله سبحانه و تعالى جعلنا عبيدا, أعطانا هذه الأشياء فهذا شهر رمضان . واحد رأى مكة ثم المدينة, ثم هذا المكان, في هذا المسجد كم غير مصل و مسيح و غير ذاكر أصبحوا مصلين ذاكرين . و الله انتخب لنا الشيخ... و إنما يدعو لنا مع مرضه, لا نقول أن هذا المسجد مثل مسجد الحرام أو مسجد المدينة, و لكن العمل الذي فيه, كان في زمن الصحابة, الله سبحانه و تعالى أرسل شيئا من نوره لهذا المسجد, فكان الشيخ إلياس يرجو بأن لا يأتي لهذا المسجد أحد و يرجع جيعان, أو بغير هداية, بل يرجع يحب الخروج . فيأحبابي إجعلوا المقصد الذي جئتم من أجله أن تتيقنوا بالآخرة . نسأل الله أن يجعل فينا فكر الآخرة أمام أعيننا, الجنة و النار و الصراط و الميزان و الحساب. الله سبحانه و تعالى إستعملنا لخدمة دينه في كل العالم, الله تعالى يرينا حقيقة الآخرة, و يخرج من قلوبنا الدنيا و صورها . و الآخرة تبدأ بعد الموت, فالصحابة رضي الله عنهم من خصوصياتهم أنهم كانوا يؤمنون بما جاء من عند الله, و كان نظرهم إلى الأمام دائما مثل الفأس . فاجتهدوا للآخرة كل الجهد . الأنبياء ضحوا بكل شيء, و الشهداء و العلماء و الصحابة و التابعين, و الآن !!! الأنبياء كلهم عند إنهاء العمل يبكون((يا رب اغفر لنا ما قمنا بالواجب و ما عرفناك حق معرفتك و ما عبدناك حق عبادتك)) فالرسول صلى الله عليه و سلم كم ضحى و كم اجتهد؟؟ و لكن كان يستغفر مئة مرة في المجلس, و يقول يا ربي ما أدينا حقك, و نزلت ((إذا جاء نصر الله و الفتح...)) فأبو بكر كان يبكي, مع أن هذا كان وقت الفرحة و النصر, و أبو بكر يبكي , فلما سألوه أجاب..أنه لما طلب الله من رسوله التوبة, فمعناه دنو الأجل وانتهاء الحياة, لم أفرح بقدر ما حزنت على إنتقال الرسول صلى الله عليه و سلم, فآخر شيء الآن الإعتكاف, و آخر رمضان, و آخر العبادات, و آخر القرآن, يا رب , ما فعلت لا يليق بشأنك قال الله تعالى ((و جاهدوا في الله حق جهاده)) فأنت يا رب طلبت حق العبادة و الجهاد و التقوى . و نحن لم نؤدي و لا نستطع, يا رب ماذا يحصل لنا إذا طلب ربنا منا حقه يوم القيامة, يا رب سامحنا . حين قال الرسول صلى الله عليه و سلم ((اللهم اغفر لي)) فنحن ناقصين من كل ناحية و عملنا ناقص . فهذا معيار الوقت و العمل... فالآن فكروا و توجهوا.. قال عليه الصلاة و السلام ((أن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه و بينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها)) إن الفعال الموجود الحقيقي لكل شيء هو الله تعالى, و لكن علينا إختيار السبب, نجتهد قدر إستطاعتنا, فالإنسان للزراعة و التجارة يجتهد و يتعب و بعدها يقول, إن الله هو الرزاق . فعلينا أن نجتهد و نتحمل ثم نقوم أمام الله جل جلاله و ندعوه ونتضرع إليه حتى يتقبل هذه الأعمال, و أن يرزقنا و يرزق أهل العالم الحياة الإيمانية .
فهذه الأعمال الخمسة نشتغل بها, من ثم يكون طعامنا و شرابنا و نومنا من الأعمال . فالآن نحن علينا أن نجعل عاداتنا و ضرورياتنا عبادات, لأن عباداتنا الآن تحولت إلى عادات, فنجتهد و ندعو الله أن يجعل جهدنا وسيلة للهداية, و نسأل الله تعالى أن يوفقنا للجهد و أن يشرح صدورنا لجهد الدين, و أن تكون كل حياتنا على السنة, و أن تكون عاداتنا و ضرورياتنا سببا لحصول الثواب .(من كلام الشيخ إنعام الحسن رحمه الله)