الجهد على النفس للترقي في دين الله ,لا يمكن إلا بالدعوة إلى الله
يقصد أهل الدعوة بهذه الجملة أن أفضل الأسباب المعينة على الترقى فى الأعمال الصالحة والثبات عليها حتى الممات .والإنتفاع المرجو كما ينبغى .هى الدعوة إلى الله عز وجل واتباع الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم . ولا شك فى ذلك مطلقا .كيف لا والذى يتحدث عن الله عز وجل يعظ نفسه كلما وعظ غيره .إذ إن أذنيه أقرب إليه من آذان مستمعيه .وكذلك الذى يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر يكون أبعد الناس عن المنكرات وأقربهم إلى المعروفات .-إلا من عفا الله عنهم من قلة قليلة تخالف أفعالها أقوالها – .وسبب الجزم فى المقولة (لا يمكن إلا ب ) لأن السبب الأكبر الوحيد الذى يثبت الإنسان على الإيمان والعمل الصالح هو الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر . لأن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر أمر صعب وشديد وثقيل على النفس ولا يتحمله إلا من اصطفاه الله عز وجل لحمل أمانة الدين والبلغ عن رب العالمين .فقد يؤذى ويشتم ويضرب ويسب ويلعن ويشهر به بل ويطرد أو يسجن . وغير ذلك من ألوان العذاب .وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال (حفت الجنة بالمكاره )فطريق الجنة محفوف بالمشاق والمتاعب والمكاره. والدعوة إلى الله من أهم وأعظم طرق الجنة التى عليه مدار تبليغ الدين ونشره فى العالم كله .فلا يحزن الداعى إلى الله والسالك لهذا الطريق التابع لرسول الله على منهاجه . وكفاه شرفا ان قال الله عنه( ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إننى من المسلمين ) فانظر إلى ترتيب الآية كيف بدأت بالدعوة إلى الله . ومعنى الأية أن من أسلم ليس أفضل ممن أسلم وعمل صالحا . ومن أسلم وعمل صالحا ليس أفضل ممن أسلم وعمل صالحا ودعا إلى الله عز وجل . فالأية تعنى أفضلية من اجتمعت فيه الثلاثة وليس من دعا فقط . وللدعوة آداب وطرق ووسائل وأصول وأحكام وفقه .ليس هذا محل البسط فيها .والله اعلم."][/quote]