الوفاء في الأخوة أن لاتُهمل أخيك في أيام حاجته وفقره، وإذا ألمَّت به آفة إفتقر بسببها في دينه فينبغي أن يراعى ولايُهمل ليُعان على الخلاص من ذلك البلاء الذي ألم به. وكان عمر يقول: "هكذا فاعملوا إذا رأيتُم أخاً لكم ذل فقومُوه ووفقُوه وادعوا الله أن يتُوب عليه ولاتكونوا عوناً عليه للشيطان".
ومنها الدعاء للأخ في حياته وبعد مماته: فتدعو له كما تدعو لنفسك فإن دعائك له دعاء لنفسك، كما في صحيح مسلم من حديث أبي الدرداء أن النبي قال:
" إذا دعا الرجل لاخيه بظهر الغيب قال الملك : ولك مثل ذلك " وهو أن تُحب الخير لهم كما تُحب لنفسك وتدعو لهم بالصلاح. كان أبي الدرداء يقول: إني لأدعوا لسبعين من إخواني في سجودي أُسميهم بأسمائهم . وكان يحيى بن معاذ يقول: بئس الأخ أخ تحتاج أن تقول له اذكرنى فى دعائك.
ومنها الوفاء والإخلاص: ومعنى الوفاء الثبات على الحب وإدامتُه إلى مابعد الموت ومن الوفاء للأخ مراعاة جميع أهله والمتعلقين به بعد مماته وهذا يدُل على قوة الشفقة والحب حتى الكلب الذي على باب داره ينبغي أن يُمَّيز في القلب عن سائر الكلاب. فإن الحب إنما يُراد للآخرة، فإن انقطع قبل الموت حبط العمل وضاع السعى، فقد رُوى أن النبي أكرم عجوزاً دخلت عليه، فقيل له في ذلك فقال: "إنها كانت تأتينا أيامُ خديجه، وإن كرم العهد من الإيمان".( أبى حامد الغزالى)