يروى أن إمرأة جاءت إلى الليثُ بن سعد بإناء صغير تطلب منه عسلاً وقالت: إن زوجى مريض فأمر لها بقربة ملآنة عسلاً فقيل له إنها طلبت قدحاً صغيراً ، فقال إنما طلبت على قدرها ونحن أعطيناها على قدَّرنا .
يسقط الطيرُ حيثُ ينتثرَ الحبُ .. وتُغشـى منــازل الكرمــاءُ
وهذه الآثار تعنى أن يجُود المرء بما عنده، وليست تعنى أن يُقدم التافه وهو يستطيع تقريب النفيس.
ألا ترى إلى الخليل إبراهيم عليه السلام ما إن يطرق الضيوف بيته حتى يرُوغُ إلى أهله فيذبح عجلاً ويشويه ويسارع إليهم به وهو لايدرى ، أجياع أم هم لايأكلون! "هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ * إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ * فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ * فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ" الذاريات 24-27 .
إلا أن أكثر المسلمين فى مناسبتهم ينزعُون إلى الغُلو والتكلَّف وقلَّما يجنحُون إلى البساطة والإعتدال، وهم يستغلُون إباحة الإسلام للطيبات، ويبلغُون فى الإسراف حداً لايصلُ إليه أتباع الديانات الآخرى.